اقتحمت قوات إسرائيلية الحدود المصرية وأطلقت النار على جنود مصريين فقتلتهم ثم لامت مصر لأنها لم تؤمِّن لها حدودها ولم تحمها من عمليات المقاومة الفلسطينية.
هذا هو الحدث، فلننظر إلى ردود الأفعال عليه، ولنر ما فعلت الحكومة المصرية ثم ما فعل الشباب الثورى فى مصر ثم ما كان من قيادات الأحزاب والحركات السياسية فى البلاد، لينزل كل عند قدره ويعرف الكريم من الذميم.
●●●
أما الحكومة المصرية فلم تفعل سوى أنها طلبت من اسرائيل الاعتذار، وأما إسرائيل فلم تعتذر واكتفت بإبداء أسفها لموت الجنود. والفرق بين الاعتذار والتأسف فى الخطاب السياسى أن الاعتذار يحتوى على اعتراف بالمسؤولية عن الواقعة بينما يعنى التأسف الحزن على وقوعها فحسب.
أما الشعب المصرى فخرج منه آلاف الشباب مطالبين بطرد السفير الإسرائيلى من مصر وسحب السفير المصرى من تل أبيب وبعضهم طالب بقطع العلاقات الدبلوماسية ومراجعة اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل أو إلغائها تماما.
ولما رفضت الحكومة المصرية الجسورة الغيورة على أرواح جنودها أن تغلق السفارة الإسرائيلية، أغلقها الشباب بأجسادهم، ولما رفضت الحكومة إنزال العلم الإسرائيلى المطل على تمثال نهضة مصر وقبة الجامعة ونهر النيل، تسلق شاب مصرى البناية العالية وأنزل العلم ورفع، هو لا حكومته، علم مصر مكانه. وكما جرت العادة منذ خلع مبارك نزل الثوار المصريون ليعلموا الحكومة كيف تحكم وبقيت هى ثقيلة الفهم والظل وجابة القلب راجفة اليد جامدة الهواء كسابقاتها لا تبدو كحكومة ثورية من قريب ولا من بعيد. وكالعادة أيضا كان هؤلاء الشباب ينتمون إلى كل التيارات السياسية، نزلوا وحدهم بلا أمر ولا توجيه ولا حشد من منظماتهم بل إن نزولهم هو الذى دفع منظماتهم إلى الحركة
أما القوى السياسية أطال الله بقاءها وبارك فى عمرها فخافت.
خافت من الناس ومن الحكومة ومن المجلس العسكرى ومن الولايات المتحدة، ولو أنها قدرت لاستأجرت أفاعى المهرجانات الصينية وأصنام المعابد الهندية لتخاف منها. أقول خافوا أن لا ينزلوا إلى السفارة فتلحق بهم شبهة التقاعس وخافوا أن ينزلوا بكل قوتهم إلى السفارة فتتيقن الولايات المتحدة من خطورتهم على إسرائيل فتضغط لإلغاء الانتخابات أو تقييدها بحيث تقصيهم عنها. وهو رأى يُسمع وإن كان فى اعتقادى مجانبا للصواب غافلا عن قوة الشارع وعجز الولايات المتحدة أمامه.
ثم إن الولايات المتحدة لا تنتظر دلائل لتعلم أن أى حكومة منتخبة بنزاهة فى مصر ستكون خطرا على إسرائيل، إن الذين يريدون طمأنة الولايات المتحدة بشأن خططهم المستقبلية لحكم البلاد لن يطمئنوها إنما سيثيرون شكوكنا نحن.
أيها السياسيون المتعقلون إن الولايات المتحدة تبيِّت لكم شرا مهما فعلتم ولن تثق بكم وإن حلفتم لها على ألف مصحف وإنجيل. جغرافيا مصر وعدد سكانها وقناة سويسها أعظم عندها من أن تتركها لكم فلا تراهنوا على رضاها بل راهنوا على تحديها معتمدين على أهلكم وناسكم الذين خلعوا ظالميكم وأخرجوا مظلوميكم من السجون.
●●●
هذا ما كان من أمر الشجاع منهم، أما غير الشجعان فخافوا من إسرائيل لا الولايات المتحدة وخرج علينا من يقول إن إغلاق السفارة يؤدى إلى الحرب وإن الأولى بمصر أن تبنى نفسها أولا فتصبح قوة إقليمية كبرى ثم تحارب لاحقا. وفى هذا القول من المغالطات ما شاء الله. أولا: إن إلغاء اتفاقية السلام لا يعنى الحرب بل الرجوع إلى اتفاقية الهدنة بين الطرفين، وقطع العلاقات الدبلوماسية ليس إلغاء لاتفاقية السلام وطرد السفير ليس قطعا للعلاقات الدبلوماسية، ولكن هؤلاء السياسيين يستسهلون المرجلة على الجزائر وقطر وإيران بسبب مباراة كرة وبرنامج تلفزيونى وتسمية شارع ويجبنون أمام إسرائيل حين تقتل أولادهم. ثانيا، إن إسرائيل عاجزة عن الحرب، فهى لم تنتصر نصرا حاسما فى أى حرب خاضتهما منذ عام سبعة وستين، وككل جيش نظامى غازٍ هى عاجزة عن الانتصار على جماعات المقاومة فى المناطق الجبلية أو فى المدن كثيفة السكان.
وقد عجزت إسرائيل من قبل فى لبنان وفى غزة، وإن كان لبنان قادرا على تحرير أرضه بلا اتفاقية سلام فإن مصر قادرة على حماية أرضها بلا اتفاقية سلام.
ثم إن مصر قادرة على معاقبة إسرائيل بتسليح غزة كنقطة دفاع متقدمة عن سيناء. وليس فى تسليح غزة خرق لاتفاقية السلام لأن هذه الاتفاقية لا تنطبق عليها، ثم إن مصر قادرة على تسليح أهل سيناء وتنظيمهم بحيث يشكلون قوة رادعة لأى غزو إسرائيلى محتمل كما هى حال المقاومة فى لبنان وفى غزة. صدق أو لا تصدق فإن هذا أيضا لا يشكل خرقا لاتفاقية السلام، فالاتفاقية تمنع الجيش المصرى من التواجد فى شرق سيناء ولكنها لا تقول شيئا عن حصول المدنيين الساكنين بها على السلاح ليدافعوا به عن أنفسهم وعن بلادهم.
إن أهل سيناء هم درع مصر وسيفها البديل إن كانت اتفاقية السلام تقيد السيف الأول. أما من يقول بتأجيل المواجهة حتى «تقف مصر على قدميها» فنحن نسأله من أين له هذه الثقة أن إسرائيل ستتركك تقف على قدميك وهى تعلم أن فى وقوفك هذا خطرا عليها مهما أعطيتها من ضمانات؟
●●●
هذا وما زال الغاز المصرى يباع لإسرائيل تستخدمه، من بين استخدامات عديدة، فى تشغيل مفاعلها النووى، وما زال النفط المصرى يباع لإسرائيل، تستخدمه، من بين استخدامات عديدة أيضا، فى صناعتها الحربية، وربما كان وقود السيارات أو المروحيات الإسرائيلية التى شاركت فى قتل المصريين وقودا مصريا.
وفى المقابل مازالت قنابل الغاز التى تستخدم ضد المتظاهرين فى مصر مصنوعة فى الولايات المتحدة حليفة إسرائيل. نعطيهم ما يضربوننا به ويعطوننا ما نضرب به أنفسنا وما زال منا من يرىأنهم سيتركوننا وشأننا إذا تركناهم وشأنهم، وبلادنا موطن العجب!
هذا هو الحدث، فلننظر إلى ردود الأفعال عليه، ولنر ما فعلت الحكومة المصرية ثم ما فعل الشباب الثورى فى مصر ثم ما كان من قيادات الأحزاب والحركات السياسية فى البلاد، لينزل كل عند قدره ويعرف الكريم من الذميم.
●●●
أما الحكومة المصرية فلم تفعل سوى أنها طلبت من اسرائيل الاعتذار، وأما إسرائيل فلم تعتذر واكتفت بإبداء أسفها لموت الجنود. والفرق بين الاعتذار والتأسف فى الخطاب السياسى أن الاعتذار يحتوى على اعتراف بالمسؤولية عن الواقعة بينما يعنى التأسف الحزن على وقوعها فحسب.
أما الشعب المصرى فخرج منه آلاف الشباب مطالبين بطرد السفير الإسرائيلى من مصر وسحب السفير المصرى من تل أبيب وبعضهم طالب بقطع العلاقات الدبلوماسية ومراجعة اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل أو إلغائها تماما.
ولما رفضت الحكومة المصرية الجسورة الغيورة على أرواح جنودها أن تغلق السفارة الإسرائيلية، أغلقها الشباب بأجسادهم، ولما رفضت الحكومة إنزال العلم الإسرائيلى المطل على تمثال نهضة مصر وقبة الجامعة ونهر النيل، تسلق شاب مصرى البناية العالية وأنزل العلم ورفع، هو لا حكومته، علم مصر مكانه. وكما جرت العادة منذ خلع مبارك نزل الثوار المصريون ليعلموا الحكومة كيف تحكم وبقيت هى ثقيلة الفهم والظل وجابة القلب راجفة اليد جامدة الهواء كسابقاتها لا تبدو كحكومة ثورية من قريب ولا من بعيد. وكالعادة أيضا كان هؤلاء الشباب ينتمون إلى كل التيارات السياسية، نزلوا وحدهم بلا أمر ولا توجيه ولا حشد من منظماتهم بل إن نزولهم هو الذى دفع منظماتهم إلى الحركة
أما القوى السياسية أطال الله بقاءها وبارك فى عمرها فخافت.
خافت من الناس ومن الحكومة ومن المجلس العسكرى ومن الولايات المتحدة، ولو أنها قدرت لاستأجرت أفاعى المهرجانات الصينية وأصنام المعابد الهندية لتخاف منها. أقول خافوا أن لا ينزلوا إلى السفارة فتلحق بهم شبهة التقاعس وخافوا أن ينزلوا بكل قوتهم إلى السفارة فتتيقن الولايات المتحدة من خطورتهم على إسرائيل فتضغط لإلغاء الانتخابات أو تقييدها بحيث تقصيهم عنها. وهو رأى يُسمع وإن كان فى اعتقادى مجانبا للصواب غافلا عن قوة الشارع وعجز الولايات المتحدة أمامه.
ثم إن الولايات المتحدة لا تنتظر دلائل لتعلم أن أى حكومة منتخبة بنزاهة فى مصر ستكون خطرا على إسرائيل، إن الذين يريدون طمأنة الولايات المتحدة بشأن خططهم المستقبلية لحكم البلاد لن يطمئنوها إنما سيثيرون شكوكنا نحن.
أيها السياسيون المتعقلون إن الولايات المتحدة تبيِّت لكم شرا مهما فعلتم ولن تثق بكم وإن حلفتم لها على ألف مصحف وإنجيل. جغرافيا مصر وعدد سكانها وقناة سويسها أعظم عندها من أن تتركها لكم فلا تراهنوا على رضاها بل راهنوا على تحديها معتمدين على أهلكم وناسكم الذين خلعوا ظالميكم وأخرجوا مظلوميكم من السجون.
●●●
هذا ما كان من أمر الشجاع منهم، أما غير الشجعان فخافوا من إسرائيل لا الولايات المتحدة وخرج علينا من يقول إن إغلاق السفارة يؤدى إلى الحرب وإن الأولى بمصر أن تبنى نفسها أولا فتصبح قوة إقليمية كبرى ثم تحارب لاحقا. وفى هذا القول من المغالطات ما شاء الله. أولا: إن إلغاء اتفاقية السلام لا يعنى الحرب بل الرجوع إلى اتفاقية الهدنة بين الطرفين، وقطع العلاقات الدبلوماسية ليس إلغاء لاتفاقية السلام وطرد السفير ليس قطعا للعلاقات الدبلوماسية، ولكن هؤلاء السياسيين يستسهلون المرجلة على الجزائر وقطر وإيران بسبب مباراة كرة وبرنامج تلفزيونى وتسمية شارع ويجبنون أمام إسرائيل حين تقتل أولادهم. ثانيا، إن إسرائيل عاجزة عن الحرب، فهى لم تنتصر نصرا حاسما فى أى حرب خاضتهما منذ عام سبعة وستين، وككل جيش نظامى غازٍ هى عاجزة عن الانتصار على جماعات المقاومة فى المناطق الجبلية أو فى المدن كثيفة السكان.
وقد عجزت إسرائيل من قبل فى لبنان وفى غزة، وإن كان لبنان قادرا على تحرير أرضه بلا اتفاقية سلام فإن مصر قادرة على حماية أرضها بلا اتفاقية سلام.
ثم إن مصر قادرة على معاقبة إسرائيل بتسليح غزة كنقطة دفاع متقدمة عن سيناء. وليس فى تسليح غزة خرق لاتفاقية السلام لأن هذه الاتفاقية لا تنطبق عليها، ثم إن مصر قادرة على تسليح أهل سيناء وتنظيمهم بحيث يشكلون قوة رادعة لأى غزو إسرائيلى محتمل كما هى حال المقاومة فى لبنان وفى غزة. صدق أو لا تصدق فإن هذا أيضا لا يشكل خرقا لاتفاقية السلام، فالاتفاقية تمنع الجيش المصرى من التواجد فى شرق سيناء ولكنها لا تقول شيئا عن حصول المدنيين الساكنين بها على السلاح ليدافعوا به عن أنفسهم وعن بلادهم.
إن أهل سيناء هم درع مصر وسيفها البديل إن كانت اتفاقية السلام تقيد السيف الأول. أما من يقول بتأجيل المواجهة حتى «تقف مصر على قدميها» فنحن نسأله من أين له هذه الثقة أن إسرائيل ستتركك تقف على قدميك وهى تعلم أن فى وقوفك هذا خطرا عليها مهما أعطيتها من ضمانات؟
●●●
هذا وما زال الغاز المصرى يباع لإسرائيل تستخدمه، من بين استخدامات عديدة، فى تشغيل مفاعلها النووى، وما زال النفط المصرى يباع لإسرائيل، تستخدمه، من بين استخدامات عديدة أيضا، فى صناعتها الحربية، وربما كان وقود السيارات أو المروحيات الإسرائيلية التى شاركت فى قتل المصريين وقودا مصريا.
وفى المقابل مازالت قنابل الغاز التى تستخدم ضد المتظاهرين فى مصر مصنوعة فى الولايات المتحدة حليفة إسرائيل. نعطيهم ما يضربوننا به ويعطوننا ما نضرب به أنفسنا وما زال منا من يرىأنهم سيتركوننا وشأننا إذا تركناهم وشأنهم، وبلادنا موطن العجب!
No comments:
Post a Comment